فصل: تفسير الآيات (74- 76):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (71- 73):

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (73)}
يذكر تعالى ما أنعم به على خلقه من هذه الأنعام التي سخرها لهم، {فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}: قال قتادة: مطيقون أي: جعلهم يقهرونها وهي ذليلة لهم، لا تمتنع منهم، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه، ولو شاء لأقامه وساقه، وذاك ذليل منقاد معه.
وكذا لو كان القطَارُ مائة بعير أو أكثر، لسار الجميع بسيرِ صغيرٍ.
وقوله: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} أي: منها ما يركبون في الأسفار، ويحملون عليه الأثقال، إلى سائر الجهات والأقطار. {وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} إذا شاؤوا نحروا واجتزروا.
{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} أي: من أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين، {وَمَشَارِبُ} أي: من ألبانها وأبوالها لمن يتداوى، ونحو ذلك. {أَفَلا يَشْكُرُونَ}؟ أي: أفلا يُوَحِّدُون خالق ذلك ومسخره، ولا يشركون به غيره؟

.تفسير الآيات (74- 76):

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)}
يقول تعالى منكرًا على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله، يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الآلهة وترزقهم وتقربهم إلى الله زلفى.
قال الله تعالى: {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} أي: لا تقدر الآلهة على نصر عابديها، بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل وأحقر وأدخر، بل لا تقدر على الانتصار لأنفسها، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء؛ لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.
وقوله: {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: قال مجاهد: يعني: عند الحساب، يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة، محضرة عند حساب عابديها؛ ليكون ذلك أبلغ في خِزْيهم، وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم.
وقال قتادة: {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} يعني: الآلهة، {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}، والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرًا، ولا تدفع عنهم سوءا، إنما هي أصنام.
وهكذا قال الحسن البصري. وهذا القول حسن، وهو اختيار ابن جرير، رحمه الله.
وقوله: {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} أي: تكذيبهم لك وكفرهم بالله، {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} أي: نحن نعلم جميع ما هم عليه، وسنجزيهم وصْفَهم ونعاملهم على ذلك، يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلا ولا حقيرًا، ولا صغيرًا ولا كبيرًا، بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديمًا وحديثًا.

.تفسير الآيات (77- 80):

{أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)}
قال مجاهد، وعِكْرِمَة، وعروة بن الزبير، والسُّدِّي. وقتادة: جاء أُبي بن خلف لعنه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يُفَتِّتُه ويذريه في الهواء، وهو يقول: يا محمد، أتزعم أن الله يبعث هذا؟ فقال: «نعم، يميتك الله تعالى ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار». ونزلت هذه الآيات من آخر يس: {أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ}، إلى آخرهن.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات، عن هُشَيْم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن العاصى بن وائل أخذ عظما من البطحاء ففتَّه بيده، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيحيي الله هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، يميتك الله ثم يحييك، ثم يدخلك جهنم». قال: ونزلت الآيات من آخر يس.
ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم، عن هُشَيْمٍ، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، فذكره ولم يذكر ابن عباس.
وروي من طريق العوفي، عن ابن عباس قال: جاء عبد الله بن أبي بعظم ففَتَّه وذكر نحو ما تقدم.
وهذا منكر؛ لأن السورة مكية، وعبد الله بن أبي بن سلول إنما كان بالمدينة. وعلى كل تقدير سواء كانت هذه الآيات قد نزلت في أُبي بن خلف، أو في العاص بن وائل، أو فيهما، فهي عامة في كل مَنْ أنكر البعث. والألف واللام في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ} للجنس، يعم كل منكر للبعث.
{أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} أي: أولم يستدل مَنْ أنكر البعث بالبدء على الإعادة، فإن الله ابتدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين، فخلقه من شيء حقير ضعيف مهين، كما قال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} [المرسلات: 20- 22].
وقال {إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: 2] أي: من نطفة من أخلاط متفرقة، فالذي خلقه من هذه النطفة الضعيفة أليس بقادر على إعادته بعد موته؟ كما قال الإمام أحمد في مسنده:
حدثنا أبو المغيرة، حدثنا حَريز، حدثني عبد الرحمن بن مَيْسَرة، عن جُبَيْر بن نفير، عن بُسْر ابن جَحَّاش؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَصق يوما في كفِّه، فوضع عليها أصبعه، ثم قال: «قال الله تعالى: ابن آدم، أنَّى تُعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سَوَّيتك وعَدَلتك، مشيت بين بردَيك وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بَلَغَت التراقي قلت: أتصدقُ وأنَّى أوان الصدقة؟».
ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن جَرير بن عثمان، به. ولهذا قال: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}؟ أي: استبعد إعادة الله تعالى- ذي القدرة العظيمة التي خلقت السموات والأرض- للأجساد والعظام الرميمة، ونسي نفسه، وأن الله خلقه من العدم، فعلم من نفسه ما هو أعظم مما استبعده وأنكره وجحده؛ ولهذا قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} أي: يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها، أين ذهبت، وأين تفرقت وتمزقت.
قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا أبو عَوَانة، عن عبد الملك بن عمير، عن رِبْعيّ قال: قال عقبة بن عمرو لحذيفة: ألا تحدثُنا ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: سمعته يقول: «إن رجلا حضره الموت، فلما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا أنا متّ فاجمعوا لي حَطَبا كثيرًا جزَلا ثم أوقدوا فيه نارًا، حتى إذا أكلت لحمي وخلَصت إلى عظمي فامتُحِشْتُ، فخذوها فدقوها فَذَروها في اليم. ففعلوا، فجمعه الله إليه فقال له: لم فعلت ذلك؟ قال: من خشيتك. فغفر الله له». فقال عقبة بن عمرو: وأنا سمعته يقول ذلك، وكان نبَّاشا.
وقد أخرجاه في الصحيحين، من حديث عبد الملك بن عمير، بألفاظ كثيرة منها: «أنه أمر بنيه أن يحرقوه ثم يسحقوه، ثم يَذْروا نصفه في البر ونصفه في البحر، في يوم رائح، أي: كثير الهواء- ففعلوا ذلك. فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر البر فجمع ما فيه، ثم قال له: كن. فإذا هو رجل قائم. فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: مخافتك وأنت أعلم. فما تلافاه أن غفر له».
وقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} أي: الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خَضرًا نَضرًا ذا ثمر ويَنْع، ثم أعاده إلى أن صار حطبًا يابسًا، توقد به النار، كذلك هو فعال لما يشاء، قادر على ما يريد لا يمنعه شيء.
قال قتادة في قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} يقول: الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه.
وقيل: المراد بذلك سَرْح المرخ والعَفَار، ينبت في أرض الحجاز فيأتي من أراد قَدْح نار وليس معه زناد، فيأخذ منه عودين أخضرين، ويقدح أحدهما بالآخر، فتتولد النار من بينهما، كالزناد سواء. روي هذا عن ابن عباس، رضي الله عنهما. وفي المثل: لكل شجر نار، واستمجد المَرْخُ والعَفَار.
وقال الحكماء: في كل شجر نار إلا الغاب.

.تفسير الآيات (81- 83):

{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}
يقول تعالى منبهًا على قدرته العظيمة في خلق السموات السبع، بما فيها من الكواكب السيارة والثوابت، والأرضين السبع وما فيها من جبال ورمال، وبحار وقفار، وما بين ذلك، ومرشدًا إلى الاستدلال على إعادة الأجساد بخلق هذه الأشياء العظيمة، كقوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: 57].
وقال هاهنا: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} أي: مثل البشر، فيعيدهم كما بدأهم. قاله ابن جرير.
وهذه الآية كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف: 33]، وقال: {بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي: يأمر بالشيء أمرًا واحدًا، لا يحتاج إلى تكرار:
إذَا مَا أَرَادَ اللهُ أَمْرًا فَإِنَّمَا ** يَقُولُ لَهُ كُنْ قَوْلَة فَيَكُونُ

وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن نُمَيْر، حدثنا موسى بن المسَيَّب، عن شَهْر، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي ذَر، رضي الله عنه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يقول: يا عبادي، كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم. وكلكم فقير إلا من أغنيت، إني جواد ماجد واجد أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردت شيئًا فإنما أقول له كن فيكون».
وقوله: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي: تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء للحي القيوم، الذي بيده مقاليد السموات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر، وإليه ترجع العباد يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله، وهو العادل المتفضل.
ومعنى قوله: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} كقوله عز وجل: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [المؤمنون: 88]، وكقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1]، فالملك والملكوت واحد في المعنى، كرحمة ورَحَمُوت، ورَهْبَة ورَهَبُوت، وجَبْر وجَبَرُوت. ومن الناس من زعم أن المُلْك هو عالم الأجساد والملكوت هو عالم الأرواح، والأول هو الصحيح، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم.
قال الإمام أحمد: حدثنا حماد، عن عبد الملك بن عمير، حدثني ابن عم لحذيفة، عن حذيفة- وهو ابن اليمان- رضي الله عنه، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقرأ السبع الطُّوَل في سبع ركعات، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: «سمع الله لمن حمده». ثم قال: «الحمد لذي ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة» وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فأنصرف وقد كادت تنكسر رجلاي.
وقد روى أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، من حديث شعبة، عن عمرو بن مُرة، عن أبي حَمْزة- مولى الأنصار- عن رجل من بني عَبْس، عن حذيفة؛ أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، وكان يقول: «الله أكبر- ثلاثًا- ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة». ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه، وكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم». ثم رفع رأسه من الركوع، فكان قيامه نحوا من ركوعه، يقول: «لربي الحمد». ثم سجد، فكان سجوده نحوا من قيامه، وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى». ثم رفع رأسه من السجود، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحوا من سجوده، وكان يقول: «رب، اغفر لي، رب اغفر لي». فصلى أربع ركعات، فقرأ فيهن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة- أو الأنعام- شك شعبة- هذا لفظ أبي داود.
وقال النسائي: أبو حمزة عندنا: طلحة بن يزيد، وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة.
كذا قال.
والأشبه أن يكون ابن عم حذيفة، كما تقدم في رواية الإمام أحمد، والله أعلم. فأما رواية صلة بن زفر، عن حذيفة، فإنها في صحيح مسلم، ولكن ليس فيها ذكر الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة.
وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن عاصم بن حُمَيْد، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوّذ. قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة». ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة.
ورواه الترمذي في الشمائل، والنسائي، من حديث معاوية بن صالح، به.
آخر تفسير سورة يس ولله الحمد أولا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.
وهي مكية.
قال النسائي: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، حدثنا خالد- يعني ابن الحارث- عن ابن أبي ذئب قال: أخبرني بن عبد الرحمن، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف، ويؤمنا بالصافات. تفرد به النسائي.
بسم الله الرحمن الرحيم